فصل: فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في حجة القراءات في السورة الكريمة:

.قال ابن خالويه:

ومن سورة الغاشية:
قوله تعالى: {تصلى نارا حامية} يقرأ بضم التاء وفتحها فالحجة لمن قرأه بالضم انه طابق بذلك بين لفظه ولفظ قوله: {يسقى} والحجة لمن فتح انه أتى بالفعل على اصله وبناه لفاعله.
قوله تعالى: {لا تسمع فيها لاغية} يقرأ بالتاء والياء وضمها والرفع ويقرأ بالتاء مفتوحة والنصب والحجة لمن قرأه بضم الياء والتاء أنه جعله مبنيا لما لم يسم فاعله ورفع الاسم بعده والحجة لمن قرأه بفتح التاء انه قصد النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب ونصب {لاغية} بتعدي الفعل إليها.
قوله تعالى: {لست عليهم بمصيطر} يقرأ بالصاد والسين وإشمام الزاي وقد ذكرت علل ذلك في الطور. اهـ.

.قال ابن زنجلة:

88- سورة الغاشية:
{تصلى نارا حامية}
قرأ أبو عمرو وأبو بكر {تصلى نارا حامية} بضم التاء وحجتهما ذكرها اليزيدي فقال كقوله بعدها {تسقى من عين آنية} فجعل اليزيدي {تصلى} بلفظ ما بعده إذ أتى في سياقه ليأتلف الكلام على نظام.
وقرأ الباقون {تصلى} بفتح التاء وحجتهم أن الصلى مسند إليهم في كثير من القرآن مثل {يصلونها يوم الدين} وقوله: {يصلى النار الكبرى} و{سيصلى نارا} فرد ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه أولى.
{لا تسمع فيها لاغية 11}
قرأ ابن كثير وابو عمرو {لا يسمع} بضم الياء {لاغية} رفع على ما لم يسم فاعله قالوا لأن الخطاب ليس بمصروف إلى واحد وإنما ذكروا واللاغية مؤنثة لأن تأنيث اللاغية غير حقيقي أي لغو قال اليزيدي المعنى لا يسمع فيها من أحد لاغية قال أبو عبيدة {لاغية} أي لغوا ويجوز أن يكون صفة كأنه قال لا تسمع كلمة لاغية.
وحجتهما أنها موافقة لإعراب رؤوس الآيات قبلها وبعدها من قوله: {خاشعة} {عاملة} {ناصبة} وبعدها {عين جارية} 12 {مرفوعة} 13 {مصفوفة} 15 فجرى على ذلك.
وقرأ نافع {لا تسمع} بضم التاء {فيها لاغية} رفع على ما لم يسم فاعله وأتت {لا تسمع} على لفظ اللاغية دون المعنى.
وقرأ أهل الشام والكوفة {لا تسمع} بفتح التاء {لاغية} نصب وحجتهم أنها تنصرف إلى وجهين يجوز أن تسند السماع إلى الوجوه المذكورة لأن ذلك أتى عقيب الخبر على الوجوه الناعمة إذ لم يعترض بين ذلك وبين الوجوه شيء يصرف إليه عنها والمعنى لأصحاب الوجوه والوجه الآخر أن يكون على مخاطبة النبي صلى الله عليه فكأنه قال لا تسمع يا محمد في الجنة لاغية بدلالة قوله: {وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا}. اهـ.

.فصل في فوائد لغوية وإعرابية وبلاغية في جميع آيات السورة:

.قال في الجدول في إعراب القرآن الكريم:

سورة الغاشية:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

.[الغاشية: آية 1]

{هَلْ أَتاكَ حديث الغاشية (1)}

.الإعراب:

{هل} حرف استفهام للتشويق، والجملة لا محلّ لها ابتدائيّة.

.[الغاشية: الآيات 2- 7]

{وُجُوهٌ يومئِذٍ خاشعة (2) عاملة ناصبة (3) تصلى ناراً حامية (4) تُسْقى مِنْ عين آنية (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلاَّ مِنْ ضريع (6) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جوع (7)}.

.الإعراب:

{وجوه} مبتدأ مرفوع خبره جملة تصلى، {يومئذ} ظرف.
جملة: {وجوه... تصلى} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {تصلى...} في محلّ رفع خبر المبتدأ {وجوه}.
وجملة: {تسقى...} في محلّ رفع خبر ثان لـ: {وجوه}.
6- 7 {لهم} متعلق بخبر ليس {إلّا} للحصر، {من ضريع} متعلق بنعت لـ: {طعام}، {لا} نافية في الموضعين {جوع} مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به بتضمين الفعل معنى يدفع.
جملة: {ليس لهم طعام...} في محلّ رفع خبر ثالث..، والضمير في {لهم} لأصحاب الوجوه.
وجملة: {لا يسمن...} في محلّ جرّ نعت لـ: {ضريع}.
وجملة: {لا يغني...} في محلّ جرّ معطوفة على جملة {لا يسمن}.

.الصرف:

(3) {ناصبة}: جمع ناصب.. اسم فاعل من الثلاثيّ نصب بمعنى تعب، وزنه فاعل.
(4) {حامية}: مؤنّث الحامي، اسم فاعل من الثلاثيّ حمي، وزنه فاعل.
(6) {ضريع}: اسم لنوع من الشوك يقال هو الشبرق حال اخضراره فإذا يبس كان ضريعا لا تأكله دابّة..

.البلاغة:

الكناية: في قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضريع}.
ففي الكلام مجاز أو كناية، أريد به طعام مكروه للإبل وغيرها من الحيوانات التي تلتذ رعي الشوك، فلا ينافي كونه زقوما أو غسلينا.
وقيل: إنه أريد أن لا طعام لهم أصلا، لأن الضريع ليس بطعام للبهائم، فضلا عن الناس، كما يقال: ليس لفلان ظل إلا الشمس، أي لا ظل له. وعليه يحمل قوله تعالى: {وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ}.
فن التتميم: في قوله تعالى: {لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جوع}.
فقوله: {وَلا يُغْنِي مِنْ جوع} جملة لا يمكن طرحها من الكلام لأنه لما قال: {لا يُسْمِنُ} ساغ لمتوهم أن يتوهم أن هذا طعام، الذي ليس من جنس طعام البشر، انتفت عنه صفة الاسمان، ولكن بقيت له صفة الإغناء فجاءت جملة {وَلا يُغْنِي مِنْ جوع} تتميما للمعنى المراد، وهو أن هذا الطعام انتفت عنه صفة إفادة السمن والقوة، كما انتفت عنه صفة إماطة الجوع وإزالته.

.[الغاشية: الآيات 8- 16]

{وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة (8) لِسَعْيِها راضية (9) فِي جَنَّةٍ عالية (10) لا تسمع فِيها لاغية (11) فِيها عين جارية (12) فِيها سُرُرٌ مرفوعة (13) وَأَكْوابٌ موضوعة (14) وَنَمارِقُ مصفوفة (15) وَزَرابِيُّ مبثوثة (16)}.

.الإعراب:

{وجوه يومئذ ناعمة} مثل {وجوه يومئذ خاشعة}، {لسعيها} متعلق بـ: {راضية} خبر المبتدأ {وجوه}، {في جنة} متعلق بمحذوف خبر ثان لوجوه، {لا} نافية {فيها} متعلق بـ: {تسمع}، {فيها} الثاني متعلق بخبر مقدّم للمبتدأ {عين}، و{فيها} الثالث خبر للمبتدأ {سرر} عطف عليه {أكواب}، {نمارق}، {زرابيّ} {مرفوعة} مثله.
جملة: {وجوه... راضية} لا محلّ لها استئناف بيانيّ آخر.
وجملة: {لا تسمع...} في محلّ جرّ نعت ثان لـ: {جنّة}.
وجملة: {فيها عين جارية...} في محلّ جرّ نعت ثالث لـ: {جنّة}.
وجملة: {فيها سرر...} في محلّ جرّ نعت رابع.

.الصرف:

(8) {ناعمة}: مؤنّث ناعم، اسم فاعل من الثلاثيّ نعم، وزنه فاعل.
(11) {لاغية}: مؤنّث لاغ، اسم فاعل من (لغا يلغو)، ولاغية فيه إعلال بالقلب أصله لاغوة، قلبت الواو ياء لتحرّكها بعد كسر، وزنه فاعلة، ووزن لاغ فاع.. وقيل إنّ {لاغية} مصدر مثل العافية.
(14) {موضوعة}: مؤنّث موضوع، اسم مفعول من الثلاثيّ وضع، وزنه مفعول.
(15) {نمارق}: جمع نمرقة، اسم بمعنى وسادة، وزنه فعللة بضمّ الفاء واللام الأولى، وقد يكسران لغة، ووزن نمارق فعالل بفتح الفاء وكسر اللام الأولى.
(16) {زرابيّ}: جمع زربيّة، اسم جامد لنوع من البسط والطنافس، وقيل جمع زربيّ بضمّ الزاي وكسرها- كما في القاموس- وتشديد الياء، وقيل بتثليث الزاي فيهما.. وزنه فعليل أو فعليلة، وزن زرابيّ فعاليل بفتح الفاء.
{مبثوثة}، مؤنّث مبثوث، اسم مفعول من الثلاثيّ بثّ، وزنه مفعول.

.[الغاشية: الآيات 17- 20]

{أَفَلا ينظرون إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت (17) وَإِلَى السماء كَيْفَ رفعت (18) وَإِلَى الجبال كَيْفَ نصبت (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سطحت (20)}.

.الإعراب:

(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (الفاء) عاطفة (لا) نافية {إلى الإبل} متعلق بـ: {ينظرون}، {كيف} اسم استفهام في محلّ نصب حال عامله الفعل الذي يتلوه {إلى السماء} متعلق بـ: {ينظرون}، وكذلك {إلى الجبال}، {إلى الأرض}، {كيف} مثل الأول في الموضعين.
جملة: {ينظرون...} لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدر أي: أينكرون فلا ينظرون..
وجملة: {خلقت...} في محلّ جرّ بدل اشتمال من {الإبل} أي ينظرون إلى خلق الإبل أو إلى كيفية خلقها.
وجملة: {رفعت...} في محلّ جرّ بدل اشتمال من {السماء}.
وجملة: {نصبت...} في محلّ جرّ بدل اشتمال من {الجبال}.
وجملة: {سطحت...} في محلّ جرّ بدل اشتمال {الأرض}. على سبيل التعليق، وقد تبدل الجملة وفيها الاستفهام من الاسم قبلها وإن لم يكن فيه استفهام.. وإذا علق العامل عمّا فيه استفهام لم يبق الاستفهام على حقيقته... اهـ.

.الفوائد:

- وقوع الجملة بدلا من مفرد:
ورد في هذه الآية {أَفَلا ينظرون إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت} وقوع جملة {كَيْفَ خلقت} بدلا من {الإبل}، وبناء على ذلك قرر النحاة قاعدة مفادها (الجملة تقع بدلا من المفرد). وإليك ما أورده ابن هشام في المغني بهذا الصدد: قوله تعالى: {أَفَلا ينظرون إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت} لا يصح أن تكون {كيف} بدلا من {الإبل}، لأن دخول الجار على كيف شاذ، على أنه لم يسمع في إلى، بل في على ولأن إلى متعلقة بما قبلها، فيلزم أن يعمل في الاستفهام فعل متقدم عليه ولأن الجملة التي بعدها تصير حينئذ غير مرتبطة، وإنما هي منصوبة بما بعدها على الحال، وفعل النظر معلق، وهي وما بعدها بدل من الإبل بدل اشتمال، والمعنى إلى الإبل كيفية خلقها ومثله قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} ومثلهما من إبدال جملة فيها كيف من اسم مفرد قول الفرزدق:
إلى اللّه أشكو بالمدينة حاجة ** وبالشام أخرى كيف يلتقيان

أي أشكو هاتين الحاجتين تعذر التقائهما.

.[الغاشية: الآيات 21- 26]

{فذكر إِنَّما أَنْتَ مذكر (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بمصيطر (22) إِلاَّ مَنْ تولى وكفر (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعذاب الأكبر (24) إِنَّ إِلَيْنا إيابهم (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حسابهم (26)}.

.الإعراب:

(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (إنّما) كافّة ومكفوفة {عليهم} متعلق {بمسيطر} (مسيطر) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ليس (إلّا).
للاستثناء، (من) موصول في محلّ نصب على الاستثناء، (الفاء) عاطفة {العذاب} مفعول مطلق منصوب {إلينا} متعلق بخبر إنّ وكذلك {علينا} خبر إنّ الثاني.
جملة: {ذكّر...} في محلّ جزم جواب شرط مقدر أي إن لم يتّعظ الكفّار بدلائل قدرة اللّه فذكرهم بها.
وجملة: {إنّما أنت مذكر...} لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: {لست عليهم بمسيطر} لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: {تولى...} لا محلّ لها صلة الموصول (من).
وجملة: {كفر...} لا محلّ لها معطوفة على جملة {تولى}.
وجملة: {يعذّبه اللّه} لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدر أي: يحبسه فيعذّبه.
وجملة: {إنّ إلينا إيابهم...} لا محلّ لها تعليل للمحاسبة.
وجملة: {إنّ علينا حسابهم} لا محلّ لها معطوفة على التعليليّة.

.الصرف:

(21) {مذكر}: اسم فاعل من الرباعيّ ذكّر، وزنه مفعّل بضمّ الميم وكسر العين المشدّدة.
(25) {إيابهم}: مصدر سماعيّ للثلاثيّ آب يئوب باب نصر، وله مصدر آخر هو أوبة زنة فعلة بفتح فسكون، ووزن إياب فعال بكسر الفاء.. وفيه إبدال بالقلب أصله إواب، كسر ما قبل الواو قلبت ياء...

.البلاغة:

السرّ في تقديم الظرف: في قوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنا إيابهم ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حسابهم}.
معناه التشديد في الوعيد، وأن إيابهم ليس إلا إلى الجبار المقتدر على الانتقام، وأن حسابهم ليس بواجب إلا عليه، وهو الذي يحاسب على النقير والقطمير.